الجمعة، 19 مارس 2010

مراسلون بلا حدود تصدر قائمة "أعداء الانترنت"

مطلوب تحرك – دولي


مراسلون بلا حدود تصدر قائمة "أعداء الانترنت"

المصدر: مراسلون بلا حدود – RSF


(آيفكس مراسلون بلا حدود) – لا يخفى أن المواطنين باتوا يخوضون معركة حرية الإعلامعلى شبكة الإنترنت فيما يرتسم ميل عام إلى تشديد الرقابة على مساحة التعبير هذه فيعدد متزايد من البلدان في ظل نمو القدرة على التعبئة لدى مواطنين إلكترونيين أكثرابتكاراً وتضامناً من أي وقت مضى.


الإنترنت، مساحة للتبادلوالتعبئة
في البلدان السلطوية حيث ترزح وسائل الإعلام التقليديةتحت سطوة النظام، توفّر شبكة الإنترنت مساحة فريدة لمناقشة المعلومات وتبادلها كماتقدّم محرّكاً للاحتجاج والتعبئة بما تمثله من بوتقة تولد فيها المجتمعات المدنيةالمخنوقة وتتطور.


الواقع أن وسائل الإعلام الجديدة ولا سيما الشبكاتالاجتماعية وضعت في متناول المواطنين أدوات للتعاون تسمح لهم بإعادة النظر فيالنظام الاجتماعي، هي أدوات سارع عنصر الشباب إلى تبنّيها. فأصبح فايسبوك مساحةلحشد الناشطين الممنوعين عن التظاهر في الشارع. وبات تسجيل فيديو بسيط على موقعيوتيوب - نيدا في إيران أو ثورة الزعفران للرهبان البورميين - كافياً لفضح تجاوزاتالحكومات للعالم أجميعن. وغدت المفاتيح الإلكترونية قادرةًً على بث أخبار محظورةكما في كوبا حيث تحوّلت إلى ساميزدات محلية.


أحياناً ما تسير المصالح الاقتصادية وحرية الإعلامجنباً إلى جنب. في بعض البلدان، تبقى الغلبة لشركات تحظى بنفاذ أفضل إلى شبكةالإنترنت ووسائل الإعلام الجديدة، ما ينعكس إيجاباً على سائر السكان. وبما أنالرقابة المفروضة على الويب تشكل عقبة أمام مجالات التبادل الاقتصادي، فيجدر بها أنتُدرَج على جدول أعمال منظمة التجارة العالمية التي ينبغي إلزام عدة من أعضائها،بما في ذلك الصين وفيتنام، بفتح شبكاتها قبل الانضمام إلى قرية التجارةالعالمية.


استعادة السيطرة


ولّى الزمن الذي كانت شبكة الإنترنت ووسائل الإعلامالجديدة تشكل فيه ميداناً مخصصاً للمنشقين والمعارضين. فقد تفاجأ قادة بعض البلدانببروز تكنولوجيات جديدة وظهور ساحة جديدة للنقاش العام. واتسم تداركهم لها ببعضالحدة عندما تحوّلت "الثورات الملونة" إلى "ثورات تويتر". فلم يعد من الممكن تسليممسألة السيطرة على الفضاء الإلكتروني إلى الأصوات المعارضة. وبين الرقابة علىالمحتويات السياسية والاجتماعية بفضل أحدث الوسائل التكنولوجية، وعمليات الاعتقالوالترهيب الممارسة ضد المواطنين الإلكترونيين، وإجراءات المراقبة الحاضرة الناضرةفي كل زمان ومكان والاحتفاظ بالبيانات الهادفة إلى تعريض مجهولية المتصفّحين للخطر،يبدو جلياً أن الحكومات القمعية انتقلت إلى مرحلة التنفيذ. وقد طالت أشكال الرقابةالممارسة على الإنترنت ستين دولة في العام 2009، ما يساوي ضعف عدد الدول التي كانتمعنية بالرقابة في العام الماضي. وبهذا، تتعرّض الشبكة للقضم تدريجاً بإنشاء شبكاتإنترنت داخلي وطنية للمحتويات التي "صادقت" عليها السلطات. وليست "أوزنت" و"تشينترنت" و"تركمانت" إلا أمثلة تثبت أنه لا يهم القادة ما إذا كان المزيد منمستخدمي الإنترنت يقعون ضحايا التمييز الرقمي. فقد أصبحت الصورة واضحة وضوح الشمس: إن الويب 2.0 يصطدم بآليات التحكّم 2.0.


يحق لبضعة بلدان مثل كوريا الشمالية وبورماوتركمانستان بأن تعزل نفسها بشكل كامل عن الشبكة العالمية متمسّكةً بغياب تطويرالبنى التحتية ذريعةً، ما يساهم في ازدهار السوق السوداء للاتصالات في كوبا أو علىالحدود بين الصين وكوريا الشمالية على سبيل المثال.


ويدفع المواطنون الإلكترونيون ثمن هذا القمع المتزايد. للمرة الأولى منذ إنشاء شبكة الإنترنت، يقبع حوالى 120 مدوّناً ومتصفّح إنترنتومخالفاً إلكترونياً وراء القضبان بسبب تعبيرهم عن آرائهم بحرية على الإنترنت. وتتصدر الصين لائحة أكبر سجون العالم للمواطنين الإلكترونيين مع 72 معتقلاً، تليهافيتنام وإيران اللتين نفّذتا في الأشهر الأخيرة موجات عنيفة من الاعتقالات.


وقامت دول أخرى لا تعتمد استراتيجيات متقدّمة للسيطرةعلى الشبكة أو ممارسة أعمال القمع باعتقال مواطنين إلكترونيين في الأشهر الأخيرة. في المغرب، أقدمت السلطات المحلية على سجن مدوّن وصاحب مقهى إلكتروني لذكرهما قمعتظاهرة لم تسر كما يشتهي المسؤولون. وفي آذربايجان، عبّرت السلطة عن كرهها لعدنانحجي زاده وأمين الملي، هذين المدوّنين اللذين نددا بفساد السلطات وسخرا منها فيتسجيل تم بثه على موقع يوتيوب. ولا يزال أربعة صحافيين يقبعون وراء القضبان فياليمن علماً بأنه من السابق لأوانه تحديد ما إذا كانت هذه الاعتقالات تشكل حالاتمعزولة أو استراتيجية لإعادة السيطرة على وسائل الإعلام الجديدة.


يزداد عدد الدول التي تتسلّح بتشريعات قمعية وتباشربتنفيذها. هذه هي حال الأردن وكازاخستان وأفغانستان والعراق. وليست الديمقراطياتالغربية بمنأى عن هذا المنطق الرامي إلى ضبط الشبكة. فباسم مكافحة إباحية الأطفالأو سرقة الملكية الفكرية، اعتمدت السلطات قوانين ومراسيم أو تتولى النظر فيها فيأستراليا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا العظمى على وجه الخصوص. على المستوى الدولي،يتم التفاوض على اتفاقية مكافحة التزوير التجاري (أكتا) بسرية من دون التشاور معالمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، ما قد يتسبب بإرساء تدابير قامعة للحرياتشأن إنشاء نظام ترشيح لا يخضع لقرار قضائي.


أما البلدان الاسكندنافية فتسلك مساراً مختلفاً. فيفنلندا، يتحوّل النفاذ إلى الإنترنت بموجب المرسوم رقم 732/2009 الذي دخل حيّزالتنفيذ في الأول من تموز/يوليو 2010 إلى حق أساسي للمواطنين كافة. وينص هذاالمرسوم على ضرورة أن يستفيد كل مواطن من وصلة لا تقل عن 1 ميغابايت. وفي العام 2010، من المفترض أن تصبح 100 ميغابايت على الأقل. أما البرلمان الأيسلندي فينظر فيالوقت الحالي في اقتراح قانون طموح يعرف بـ "المبادرة الأيسلندية للإعلام الحديث" وتم إعداده لحماية الحريات على الإنترنت عبر ضمان شفافية المعلومات واستقلاليتها. وإذا ما تم تبنّيه، من البديهي أن تصبح أيسلندا جنة إلكترونية للمدوّنين والمواطنينالصحافيين. رد متصفّحي الإنترنتتقوم الحربالإلكترونية المعلنة بين المواطنين والسلطات القمعية على فعالية الأسلحة المتاحةلكل من الطرفين: أنظمة ترشيح ومراقبة أكثر كفاءة مقابل تشفير للرسائل الإلكترونيةوخوادم بروكسي وأدوات تحايل على الرقابة أكثر تطوراً (تور، الشبكات الخاصةالإفتراضية، بسيفون، ألتراريتش، إلخ.) مع الإشارة إلى أن أدوات المواطنينالإلكترونيين طوِّرت بفضل تضامنهم في أرجاء العالم كافة. فإذا بآلاف الإيرانيينيستخدمون خوادم البروكسي المصممة لمتصفّحي الإنترنت في الصين.


وفي هذا السياق المتأجج، لا يمكن التغاضي عن الضغوطالدولية. فإن المصالح الجغرافية الاستراتيجية للقوى العظمى تلقي بظلالها على الويبأيضاً. ففي كانون الثاني/يناير، أدرجت الولايات المتحدة حرية التعبير على شبكةالإنترنت ضمن أولويات سياستها الخارجية. يبقى أن نرى كيف ستطبّق هذه الدولة هذهالاستراتيجية على علاقاتها الخارجية ونطلع على ردود فعل البلدان المعنية.


لكن متصفّحي الإنترنت والمدوّنين والمعارضين المعزولينيبقون معرّضين للخطر مع أنهم بدأوا ينضمون إلى جمعيات أو ينشئونها حسب النضال الذييرغبون في حمل لوائه. وهكذا أبصرت النور جمعية للمدونين الروس وأخرى للمغاربة،ومجموعات لمتصفّحين بيلاروسيين يشنون حملات ضد قرارات الحكومة، وأخرى لمدوّنينمصريين يناهضون التعذيب أو غلاء المعيشة، وغيرها لمتصفّحين صينيين ينظّمون حركاتإلكترونية لتأييد متظاهرين إيرانيين على تويتر. أكانت القضايا وطنية أم عالمية، فإنأصداء المعارك التي يخوضونها تتردد في أرجاء البلاد كافة وتقرر وجه إنترنت الغد. إنالمقاومة في صدد التنظيم.


أعداء الإنترنت لعام 2010


إن لائحة أعداء الإنترنت التي تعدّها مراسلون بلا حدودتجمع هذا العام ايضاً أسوأ منتهكي حرية التعبير على شبكة الإنترنت: المملكة العربيةالسعودية، وبورما، والصين، وكوريا الشمالية، وكوبا، ومصر، وإيران، وأوزبكستان،وسوريا، وتونس، وتركمانستان، وفيتنام.


يتخذ بعض هذه البلدان قرار منع مواطنيهم بأي ثمن عنالنفاذ إلى شبكة الإنترنت ولا سيما بورما وكوريا الشمالية وكوبا وتركمانستان. إنهادول تقترن فيها العقبات الفنية والمالية بسيطرة تفرضها السلطات وشبكة داخلية محدودةللغاية. وليس انقطاع الإنترنت أو سرعته البطيئة إلا عملة شائعة في أوقات الشدة. وتختار المملكة العربية السعودية وأوزبكستان الترشيح المكثف دافعتين متصفّحيالإنترنت إلى ممارسة الرقابة الذاتية. ومع أن الصين ومصر وتونس وفيتنام تعوّل علىاستراتيجية متقنة لتطوير البنى التحتية لأغراض اقتصادية ولكنها تراقب المحتوياتالسياسية والاجتماعية عن كثب (تعتبر أنظمة الترشيح التونسية والصينية الأكثرابتكاراً) وتظهر تعصباً فعلياً إزاء الأصوات الناقدة. وقد أوقعت الأزمة الداخليةالخطيرة التي تجتاح إيران منذ أشهر المواطنين الإلكترونيين ووسائل الإعلام الجديدةفي شباكها حتى أصبحوا بدورهم أعداء للنظام.


ومن بين البلدان "قيد المراقبة" لا بدّ من ذكر عدةديمقراطيات أبرزها أستراليا التي تعتزم تطبيق نظام متطور لترشيح شبكة الإنترنتقريباً، وكوريا الجنوبية حيث فرضت قوانين صارمة لمراقبة متصفّحي الإنترنت عن كثبقاضية على مجهوليتهم ودافعةً إياهم إلى ممارسة الرقابة الذاتية.


تنضم تركيا وروسيا إلى لائحة "الدول قيد المراقبة". فيروسيا، وبعد سيطرة الكرملين على معظم وسائل الإعلام، أصبح الإنترنت أكثر المساحاتحرية لتبادل المعلومات. ولكن استقلاليته مهددة باعتقالات المدوّنين ومحاكماتهم كمابحجب المواقع "المتطرفة" حتى لو لم تكن كذلك دائماً. أما الدعاية التي يحرص النظامعلى ترويجها فأصبحت أكثر انتشاراً على الشبكة وتبقى إمكانية تحوّل الإنترنت إلىأداة للسيطرة السياسية سيفاً مسلطاً على أعناق المواطنين.


في تركيا، تتناول المواضيع المحرّمة أتاتورك والقواتالمسلّحة ومسألة الأقليات (الأرمن والأكراد على وجه الخصوص) وكرامة الأمة. وفي هذاالسياق، تم حجب عدة آلاف من المواقع بما فيها يوتيوب، ما أثار احتجاجات عارمة. ولابدّ من الإشارة إلى أن المدوّنين ومتصفّحي الإنترنت الذين يعبّرون بحرية عن آرائهمبهذه المواضيع يواجهون أعمالاً انتقامية ولا سيما قضائية.


وتبقى بلدان أخرى من بينها الإمارات العربية المتحدةوبيلاروسيا وتايلند في لائحة "الدول قيد المراقبة" ولكنه يجدر بها أن تحرز بعضالتقدم تفادياً لانزلاقها إلى لائحة "أعداء الإنترنت": تايلند بسبب الانتهاكاتالمرتبطة بجريمة العيب في الذات الملكية، والإمارات بسبب تعزيزها الترشيح،وبيلاروسيا لتوقيع رئيسها مرسوماً قامعاً للحريات يرمي إلى ضبط الشبكة ومن المرتقبأن يدخل حيّز التنفيذ في الصيف قبيل الانتخابات ببضعة أشهر.


لوسي موريون


المسؤولة عن مكتب وسائل الإعلامالجديدة


جان - فرانسوا جوليار الأمين العام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق