الأحد، 2 يناير 2011

قبَّعة الفقيه


يَحكون أنَّ فقهياً كان يمشي في أحد الطرقات ، وإذا بلصٍّ يمد يده ، ويخطف القُبعة التي كانت على رأسه ،


ثم يُطلق ساقيه للريح ، فما كان من الفقيه إلا أن أخذ يجري خلف اللص ، وهو يقول :


وَهَبتُك ، قل قَبِلت ، وهبتُك قل قبلتُ ... قد شعر الفقيه بأن من المؤكد أن الحاجة المُلَّحة


هي التي دفعت ذلك الرجل إلى أن يرتكب جناية من أجل الحصول على شيء لا يكاد يساوي خمسة دراهم ،
فَرقَّ قلبه له ، وأحب أن يُعلمه بأن له أن يمضي بالقبعة على أنها هدية أو هبة ،


حتى يشعر براحة الضمير وهدوء الخاطر .


نحن اليوم في حاجة ماسَّة إلى طريقة تفكير ذلك الفقيه وإلى رِقَّة قلبه ونبل عواطفه ...


حيث إن كثيراً من الأخطاء والتجاوزات التي تقع هنا وهناك لا تصدر في الغالب من أشخاص شرِّيرين أو عدوانيين ،


إنها تصدر من أشخاص يمرون بظروف حرجة ، وقاهرة تجعلهم يخضعون لضغوطاتها ، فيفقدون رشدهم وصوابهم ،


وتصدر من أشخاص يمرون بلحظات ضعف أمام مغريات قوية ، وأشخاص أساؤوا الفهم ، فساء سلوكهم ،


وساءت مواقفهم ... وهكذا فإن المعرفة الكاملة صفح كامل . من السهل أن نتهم ، وأن نسيء الظن ، وأن نعاتب،


ونعاقب، لكن من الصعب أن نتفهم دوافع السلوك السيِّئ والموقف الرديء ، ومن الصعب أن نعذر ، وأن نصفح ،
ونواسي ، إن هذه الأمور تحتاج إلى شفافية ورقة وإبداع .


ما أجمل ونحن في بداية عام جديد أن نعقد العزم على أن نقبس من روح ذلك الفقيه وكرم ذاته
حتى نرسِّخ في أعماقنا معاني العفو والتسامح والشفقة ...


إننا حين نقع في خطأ شنيع نبحث بجدية ومثابرة عن أولئك الذين يلتمسون لنا الأعذار ،
ويتفهمون تداعيات أخطائنا ، مما يوجب علينا أن نفعل ما كنا نرجو من الناس أن يفعلوه ، وينهضوا إليه .


التسامح هو القوة الناعمة التي تغري بموقف ذلك الفقيه ممن خطف قُبَّعته ..

هناك تعليق واحد:

  1. صديقى المتسامح احب اضيف الى كلامك ان اذا وصلنا الى درجة الحب اى نحب بعضنا بلا دوافع سوف يكون هنا وضع الاعذار لكل خطأ ..وكما قيل من قبل ان حبيبك يبلع لك الذلط هههههههههههه.... جميل جدا دعوتك لان بالفعل اخطائنا فى هذه الاحيان كثيره جدا ولبد ان يوجدمن يضع الاعذار شكرا لك وعلى سعة قلبك...

    ردحذف